حازم الامين
في حديث عابر قبل نحو سنتين تناول طريقة إحياء ذكرى عاشوراء، توقفت مي عند صورة تتعلق برائحة الدم المنبعثة جراء جرح الرؤوس. قالت انها لم يسبق ان شهدت عملاً او قرأت كتاباً عن حرب او مأساة تطرق الى مسألة ان للدم رائحة. شغلها لأيام ان للدم رائحة، وسألت اكثر من مرة عما اذا كان احد يتذكر عملاً تناول ولو عرضاً مسألة رائحة الدم. مشهد في فيلم يأتي على ذكر ذلك. رواية او قصيدة. وكانت تتعجب كلما لم تجد جواباً.
لطالما التقطت مي عبارة على هامش الحكاية وبنت عليها. المتون، متوننا لم تعد تعنيها منذ زمن طويل. زمن سابق على معرفتي بها. وليست الدماثة وحدها وهي بحالة مي مطلقة، ما كان يمنعها من اعلان ضيقها. فالحكاية في عرف مي غصوب لا تنضب مهما أمعنا في استهلاكها. والثقافة مادة فعلية، وعلى هذا النحو كانت تقدم النحت على الرسم او كانت ترغب في تقريب الرسم من النحت. النحت بالمواد الفاسدة، بالمواد الفعلية والحقيقية. المادة المعاد نحتها، والتي تقاوم ما صارت عليه، او تبقي بعضاً مما كانت عليه.
للدم رائحة. فكرة راحت تطاردها مي في ذلك الوقت. وقالت انها ستجعلها جزءاً من عمل تعده عن الحروب. انها الروائح التي سبقتنا مي الى اكتشافها في الأعمال الفنية الحديثة. الرائحة التي تستقبلها حاسة، ربما انفرد البشر بامتلاكها، ثم انها ايضاً حاسة الأفراد قبل تشكلهم. انها رائحة المادة البشرية.
وقبل اسابيع قليلة جاءت مي الى بيروت. قالت انه تناهى الى مسمعها كلام أطلقته جماعات لبنانية يثير مسألة انبعاث روائح من خيم المعتصمين في وسط بيروت. ذكرت ذلك ممتعضة وغاضبة ومتهمة مطلقي هذا الكلام بعنصرية تتجاوزة حدود الاحتقان الطائفي المعهود في لبنان. علماً انها لا تمت الى المعتصمين بقرابة سياسية على الإطلاق. قالت انها تريد زيارة المخيم لهذه الغاية. «الوقوف على حقيقة ذلك الوعي العنصري».
لطالما شحنت مي خلافاتنا الضيقة بمضامين اوسع منها. يمكننا ان نقول ان المعتصمين احتلوا الوسط التجاري، وإنهم ضلوا الطريق، اما ان نقول إن ثمة رائحة منبعثة منهم ففي ذلك اقتراب من وعي عنصري عالمي جعل من الروائح البشرية ركيزة في اعمال التمييز بين البشر. رائحة الدم المنبعثة من رؤوس ضاربي «حيدر» في ذكرى عاشوراء، مناسبة للوقوف والتساؤل عن روائح الدماء في حروب لا تمت لعاشوراء بأدنى صلة.
هكذا هي مي، حاضرة لتذكرنا ان الكوكب الذي تعرفه اكثر منا، اوسع بكثير من ضائقتنا، وأننا نمت الى البشر فيه بصلات اكيدة ووثيقة.
we wanted to move and live in Lebanon on the 16th July 2006.We were packed and ready to go ... Israel's offensive just destroyed every dream and every new step we wanted to make... We wanted to go home... ANYWAYS I SET UP THIS BLOG TO FILTER NEWS FROM DIFFERENT OPINIONS, YOU WILL OBVIOUSLY REALIZE I DO NOT BACK ONE SIDE OR THE OTHER I AM JUST LEBANESE AND JUST WORRIED, A PACIFIST AND VERY WORRIED ABOUT ANOTHER LEBANESE FUTURE!
Tuesday, February 20, 2007
Hazem Amin wrote...
الكوكـب الـذي تعرفـه أكثـر منـا
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment